كيف أستفيد من منحنى النسيان وطرق الاستبقاء في حياتي اليومية؟
هل سبق لك أن تساءلت عن سبب نسيانك لمعلومات معينة بعد فترة قصيرة من تعلمها؟ أو لماذا يبدو أن بعض المعلومات تظل عالقة في ذاكرتك بينما تتلاشى معلومات أخرى بسرعة؟
الإجابة تكمن في فهمنا لـ “منحنى النسيان” وكيفية تطبيق استراتيجيات “الاستبقاء”. من خلال دراسة هذا المنحنى وتطبيق بعض التقنيات، يمكننا تحسين قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات لفترات أطول وتحسين أدائنا في الحياة اليومية.
1. منحنى النسيان (Ebbinghaus Forgetting Curve)
منحنى النسيان هو مفهوم قدمه عالم النفس الألماني “هيرمان إبنجهاوس” في أواخر القرن التاسع عشر. يستند هذا المنحنى إلى تجارب إبنجهاوس على كيفية نسيان البشر للمعلومات بمرور الوقت. أظهر منحنى النسيان أن نسبة كبيرة من المعلومات التي نتعلمها تُنسى بسرعة بعد فترة وجيزة من تعلمها، ومع مرور الوقت يستمر الفقدان التدريجي للمعلومات.
يمثل المنحنى بيانيًا العلاقة بين الوقت والنسيان، حيث يوضح أن أكبر معدل للنسيان يحدث بعد ساعات قليلة من تعلم المعلومات الجديدة، ثم يستمر الانخفاض بشكل تدريجي مع مرور الأيام.
على سبيل المثال، إذا تعلمت معلومات جديدة اليوم، قد تفقد ما يصل إلى 50% منها في غضون ساعات قليلة إذا لم تقم بأي مراجعة.
2. أسباب النسيان وفق منحنى النسيان
قابلية الدماغ للاحتفاظ بالمعلومات: الدماغ لا يحتفظ بكل شيء، بل يقوم بتصفية المعلومات للحفاظ على الأكثر أهمية.
قلة التكرار: إذا لم يتم تكرار المعلومات، تزداد احتمالية نسيانها بسرعة.
قلة الربط مع المعرفة السابقة: عندما لا ترتبط المعلومات الجديدة بمعلومات سابقة أو تجارب ذات صلة، يكون من الصعب على الدماغ الاحتفاظ بها.
التشويش أو التداخل: تشابه المعلومات الجديدة مع معلومات قديمة قد يسبب تداخلاً ويؤدي إلى النسيان.
3. طرق الاستبقاء الفعّالة (Retention Techniques)
التكرار المتباعد (Spaced Repetition):
التكرار المتباعد هو إحدى أكثر الطرق فعالية لاستبقاء المعلومات. يعتمد على تكرار مراجعة المعلومات على فترات زمنية متباعدة بدلاً من محاولة حفظها دفعة واحدة.
على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تعلم مجموعة من الكلمات الجديدة بلغة أجنبية، فمن الأفضل مراجعتها اليوم، ثم بعد يومين، ثم بعد أسبوع، وهكذا. هذه الطريقة تساعد في إعادة تنشيط الذكريات وتقويتها.
الربط مع المعرفة السابقة (Elaboration)
ربط المعلومات الجديدة بالمعرفة السابقة يساعد على تعزيز استبقاء المعلومات. كلما قمت بربط معلومة جديدة بتجربة شخصية أو فكرة مألوفة، يصبح من السهل تذكرها لاحقًا. على سبيل المثال، إذا كنت تتعلم معلومة جديدة في الفيزياء، حاول ربطها بتجربة شخصية حدثت لك أو بمثال من حياتك اليومية.
الاستدعاء الفعّال (Active Recall)
الاستدعاء الفعّال هو عملية محاولة استرجاع المعلومات من الذاكرة دون الرجوع إلى المصادر. أظهرت الدراسات أن هذه الطريقة فعالة جدًا في تعزيز استبقاء المعلومات. على سبيل المثال، بدلاً من قراءة ملاحظاتك مرارًا وتكرارًا، حاول استدعاء المعلومات من ذاكرتك وتدوينها بدون النظر إليها.
التفاعل الحسي المتعدد (Multi-Sensory Engagement)
الاستفادة من أكثر من حاسة واحدة في أثناء التعلم يعزز الاستبقاء. عندما تقرأ المعلومات أو تسمعها أو تشاهدها في الوقت نفسه، يزداد احتمال الاحتفاظ بها، فمثلًا إذا كنتَ تتعلَّم لغة جديدة، فيمكنك مشاهدة فيديو تعليميٍّ، والاستماع إلى الشرح، وتطبيق ما تعلَّمته في الوقت نفسه.
الخرائط الذهنية:
ما هي الخرائط الذهنية؟
الخرائط الذهنية هي وسيلة سهلة وفعّالة لتنظيم أفكارك ومعلوماتك بشكل بصري. يعني بتقدر من خلالها ترتب كل الأفكار اللي في دماغك بطريقة منظمة على هيئة شجرة أو شبكة، وكل موضوع رئيسي بيتفرع منه مواضيع فرعية. الفكرة في الخرائط الذهنية إنها بتعتمد على الألوان، الصور، والكلمات المفتاحية، وده بيساعدك تفهم المعلومات أسرع وتفتكرها بسهولة.
لماذا الخرائط الذهنية مفيدة؟
1. تنظيم الأفكار: بتساعدك على ترتيب المعلومات بشكل واضح وبسيط، تقدر بسهولة تشوف إيه اللي مرتبط بإيه.
2. التعلم الفعّال: بتشجع دماغك يربط بين المعلومات المختلفة، فتفهم الصورة كاملة بدل ما تكون متشتت بين تفاصيل كتير.
3. تفكير إبداعي: بتسمح لك تفكر برا الصندوق، وتطلع أفكار جديدة وترتبها بطريقة غير تقليدية.
4. تحسين الذاكرة: لأنك بتستخدم الألوان والصور، بتقوي الذاكرة البصرية وبتخليك تفتكر المعلومات بشكل أسرع.
5. التركيز: بتخليك تركز على موضوع واحد بشكل منظم من غير ما تشتت نفسك بأفكار جانبية كتير.
كيفية عمل خريطة ذهنية؟
1. حدد الموضوع الرئيسي:
ابدأ من النص بكتابة الفكرة الأساسية اللي عاوز تشتغل عليها. خليها واضحة باستخدام لون أو صورة مميزة عشان تلفت نظرك وتكون محور الخريطة.
2. أضف الأفكار الفرعية:
ارسم فروع خارجة من الفكرة الرئيسية، وكل فرع يمثل فكرة جانبية. خلي الأفكار مختصرة ومفهومة، يعني كلمات مفتاحية أو جمل بسيطة.
3. أضف التفاصيل الفرعية:
من كل فرع رئيسي، ارسم فروع تانية تمثل الأفكار التفصيلية أو أي مفاهيم مرتبطة بالفكرة الأساسية.
4. استخدم الألوان والصور:
الألوان بتفرق في التمييز بين الأفكار المختلفة. استخدم لون لكل فكرة أو فرع، وحاول تضيف صور صغيرة أو رموز تساعدك تفتكر المعلومات.
5. اربط بين الأفكار:
لو في أفكار متعلقة ببعض، استخدم أسهم أو خطوط توضح العلاقة بينهم، وده بيساعدك تفهم الترابط بين الأفكار.
خطوات عملية لعمل خريطة ذهنية:
1. حضّر الأدوات:
سواء بتشتغل على ورقة وقلم أو بتستخدم برنامج إلكتروني، اتأكد إن عندك مساحة كافية وأدوات لتلوين ورسم الأفكار.
2. ابدأ من النص:
اكتب الفكرة الرئيسية في النص، وحاول تخليها مميزة باستخدام لون أو حجم خط مختلف عن الباقي.
3. وسّع الأفكار:
ارسم فروع من الفكرة الرئيسية وحط أفكارك الأساسية، وبعد كده حط الأفكار الثانوية تحتها.
4. حدّث وعدّل:
الخريطة الذهنية مش لازم تكون ثابتة. تقدر تعدل وتضيف عليها أفكار جديدة أو تشيل اللي مش محتاجه مع الوقت.
طريقة فينمان:
دي طريقة مشهورة جدًا وسهلة. كل اللي عليك تعمله إنك تشرح المعلومة لشخص تاني أو حتى لنفسك بصوت عالي وبكلمات بسيطة. لو عرفت تشرحها بسهولة، يبقى إنت فعلاً فهمتها كويس.
4. تطبيق منحنى النسيان وطرق الاستبقاء في الحياة اليومية
في الدراسة:
تطبيق منحنى النسيان في الدراسة يتمثل في مراجعة المواد الدراسية بانتظام على فترات متباعدة بدلًا من المذاكرة المكثفة ليلة الامتحان. من خلال فهم أن النسيان يحدث بشكل سريع بعد تعلم المعلومات الجديدة، يمكننا تحسين أدائنا الدراسي عبر توزيع فترات المراجعة بشكل منتظم على مدار الوقت.
في العمل:
شرح: في مجال العمل، قد يكون تعلم مهارات جديدة أو استيعاب معلومات معينة جزءًا مهمًا من النجاح المهني. باستخدام طرق التكرار المتباعد، يمكن للموظفين تعزيز قدرتهم على تذكر العمليات والإجراءات، مما يؤدي إلى تحسين الأداء وزيادة الكفاءة.
في الحياة اليومية:
شرح: حتى في الحياة اليومية، يمكننا استخدام استراتيجيات الاستبقاء لتحسين ذاكرتنا لمهام الحياة اليومية. سواء كان ذلك في تذكر مواعيد الاجتماعات، أو قائمة التسوق، أو حتى تعلم هوايات جديدة. تطبيق التقنيات مثل الاستدعاء الفعّال والتكرار المتباعد يساعد في جعل هذه المهام أكثر سهولة ويسرًا.