
التعلم الشرطي الإجرائي
التعلم الشرطي الإجرائي هو نظرية سلوكية تركز على كيفية تأثير النتائج (المكافآت أو العقوبات) في تعديل السلوك. تم تطوير هذه النظرية بشكل أساسي على يد العالم الأمريكي بورهوس فريدريك سكينر، الذي استخدم تجارب عملية لفهم كيفية تكوين العادات والسلوكيات. تعتمد هذه النظرية على مبدأ أن السلوك يتكرر إذا تبعته نتائج إيجابية، بينما يقل إذا تبعته نتائج سلبية. تعتبر هذه النظرية محورية في فهم كيفية تعلم الكائنات الحية من تجاربها وتطبيقها في عدة مجالات، من التعليم إلى تعديل السلوكيات في الحياة اليومية.

تعريف التعلم الشرطي الإجرائي
التعلم الشرطي الإجرائي هو عملية يتم من خلالها تعلم السلوكيات من خلال تعزيزها أو عقابها. إذا كانت النتيجة إيجابية (مكافأة)، يميل السلوك إلى التكرار. أما إذا كانت النتيجة سلبية (عقوبة)، فمن المرجح أن يقل السلوك أو يختفي تماماً. الفكرة الرئيسية هنا هي أن السلوك يتم تحديده بناءً على النتائج التي يتوقعها الفرد بعد القيام به.
من هو مؤسس هذه النظرية؟
بورهوس فريدريك سكينر (1904-1990) هو المؤسس الرئيسي لنظرية التعلم الشرطي الإجرائي. سكينر كان عالم نفس أمريكي متخصص في السلوك، وقام بإجراء العديد من التجارب التي كانت أساساً لتطوير هذه النظرية. من أشهر اختراعاته هو “صندوق سكينر” (Skinner Box)، وهو جهاز مصمم لتدريب الحيوانات على تنفيذ سلوكيات معينة بناءً على تلقي مكافآت أو تجنب عقوبات.
مفهوم التعلم الشرطي الإجرائي عند العلماء المشهورين
بجانب سكينر، كان هناك العديد من العلماء الذين قدموا مساهمات مهمة لفهم التعلم الشرطي الإجرائي:
إدوارد ثورندايك: رغم أن سكينر هو الأكثر شهرة بنظريته، إلا أن مفهوم التعلم الشرطي الإجرائي يعتمد على “قانون الأثر” لثورندايك، والذي ينص على أن السلوك الذي يتبعه نتيجة إيجابية يزداد احتمالية تكراره.
جون واتسون: أسس مبدأ السلوكية الذي أثر بشكل كبير على سكينر. واتسون كان يؤمن أن السلوكيات البشرية يمكن تفسيرها بناءً على الاستجابة للمثيرات في البيئة.
ألبرت باندورا: أضاف إلى الفهم التقليدي للتعلم الشرطي الإجرائي عن طريق نظريته في التعلم بالملاحظة، حيث يرى أن الأشخاص يمكن أن يتعلموا سلوكيات معينة من خلال مراقبة سلوك الآخرين.
التجارب التي أسست النظرية
من أشهر التجارب التي قام بها سكينر:
تجربة الحمام: في هذه التجربة، وضع سكينر حمامًا في صندوق، وكلما ضغط الحمام على زر معين، يحصل على طعام. بمرور الوقت، تعلم الحمام أن الضغط على الزر يؤدي إلى الحصول على مكافأة، وبالتالي أصبح يضغط الزر بصورة متكررة.
تجربة الفئران: في تجربة مشابهة، استخدم سكينر الفئران في صندوق مشابه، حيث تعلمت الفئران الضغط على رافعة للحصول على الطعام. كانت هذه التجربة أساسًا لفهم كيفية تشكل السلوكيات عن طريق التعزيز الإيجابي.

ما الذي استفاد منه العلماء من هذه التجارب؟
من هذه التجارب، توصل العلماء إلى فهم أعمق لكيفية تعلم الكائنات الحية للسلوكيات بناءً على التعزيز الإيجابي أو العقاب. وقد أظهرت التجارب كيف يمكن تشكيل السلوكيات المعقدة من خلال التكرار والمكافأة. هذه النظرية كانت محورية في تطوير مجالات مثل علم النفس التربوي، تعديل السلوك، وحتى في التكنولوجيا (الذكاء الاصطناعي)
تطبيقات النظرية في الدول المختلفة
نظرية التعلم الشرطي الإجرائي تم تطبيقها في مجالات عدة حول العالم:
الولايات المتحدة: تم استخدام هذه النظرية في مجالات التعليم وتعديل السلوكيات، خاصة في معالجة اضطرابات السلوك. تم تطوير برامج تعليمية قائمة على التعزيز الإيجابي للطلاب.
اليابان: في النظام التعليمي الياباني، تم استخدام التعلم الشرطي الإجرائي في تحسين الأداء الأكاديمي لدى الطلاب من خلال توفير مكافآت صغيرة لتحفيزهم على الإنجاز.
الدنمارك: تم تطبيق هذه النظرية في مجال الصحة النفسية، حيث تم استخدامها لعلاج الإدمان من خلال برامج تعديل السلوك.
كيف يمكنني الاستفادة من التعلم الشرطي الإجرائي في حياتي العملية وتطوير الذات؟
تستطيع الاستفادة من التعلم الشرطي الإجرائي في حياتك اليومية لتطوير الذات واكتساب عادات إيجابية عن طريق:
التعزيز الإيجابي: يمكنك تعزيز السلوكيات الإيجابية مثل ممارسة الرياضة أو القراءة من خلال مكافأة نفسك بعد كل مرة تقوم بها بنجاح. على سبيل المثال، بعد إنهاء جلسة رياضة، يمكنك تناول وجبة تحبها.
التخلص من العادات السلبية: استخدم التعزيز السلبي للتخلص من العادات غير المرغوبة. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في تقليل استخدام الهاتف المحمول، ضع لنفسك عقوبات مثل الحرمان من مشروب تحبه.
تنظيم الوقت: استخدم التعلم الشرطي لتنظيم وقتك بفعالية. كلما أنجزت جزءًا من العمل، اسمح لنفسك بفترة راحة قصيرة، مما يحفزك على إنهاء مهامك في وقت أسرع.
التعلم الشرطي الإجرائي هو طريقة قوية يمكن استخدامها لتطوير الذات وتحسين الأداء اليومي من خلال تعديل السلوكيات بناءً على النتائج التي تحصل عليها. سواء كنت طالبًا، محترفًا في عملك، أو حتى تحاول تطوير نفسك على المستوى الشخصي، يمكنك تطبيق هذه النظرية لخلق عادات إيجابية والتخلص من العادات السلبية.
